اسم الجماعة علم يعرف به فكرها وتصورها وتاريخها، فبمجرد أن تذكر الاسم يبرز إلى مخيلتك الفكر الذي تحمله، والتصور الذي تدعو إليه، والرجال الذين يحملون فكرتها، وتاريخهم منذ نشأتها وبالأحداث الجسام التي مرت بها، بجهاد رجالها، بتراثها ومعاناتها، وأوصاف وصفات أفرادها.
إن مجرد ذكر اسم الجماعة يبرز إلى الذاكرة كل هذه المعاني فكيف نفرط في هذا الاسم العزيز إلى القلب الشامخ كالطود، إننا لا نرضى به بديلاً، ولو اضطر بعض الأتباع في بعض البلاد اتخاذ اسم غير الاسم لظروف قدّروها تقديراً، وقالوا ليست العبرة بالأسماء ولكن العبرة بالمسميات، إن تعددت أسماء الأبناء، فجميع الأبناء ينتسبون إليها، فهم يعرفون بالانتساب إلى الأصل ولا يجوز للأصل أن يغير من اسمه فبه يعرف الأتباع والأبناء وله ينتسبون.
إن أصحاب المحال التجارية لا يفرطون في اسم الشهرة لمحالهم بعد أن أصبح له قيمة وتاريخ، وأمامنا كثير من المحال التجارية التي ذهب أصحابها بل اندثروا وتركوا الأوطان، ومازالت أسماء محالهم حتى الآن ترددها الألسن، تنتقل ملكيتها من فرد لآخر، ويشتريها المشتري باسمها الذي يرفع من قيمة الشراء لأنه أصبح قيمة مادية، فما بالك إذا أضيف لهذه القيمة المعنوية والتاريخية، فهل يجوز التفريط في هذا الاسم الغالي الذي يذكرنا بأخوة الإسلام.
إن اسم الجماعة هو الرمز الذي يشير إلى الفكرة والتاريخ، وبمجرد ذكر الاسم يتضح للسامع غليه ما يميز هذه الجماعة عن غيرها، فإذا ما ذكر اسمها برز فكرها وتاريخها، والعكس صحيح إذا ما ذكر الفهم والتصور والسلوك والتاريخ تردد اسمها، وبذلك أصبح الفهم والاسم كوجهي العملة لا يصح أحدهما إلا بالآخر، وكم من مرة سوومت الجماعة على تغيير اسمها فكان الرفض حفاظاً على التاريخ الذي يراد له اندثاراً، وأراد له الأتباع انتشاراً وحفاظاً فكان الإصرار على بقاء الاسم.
إن شيوع الاسم بين العامة والخاصة في الداخل والخارج، بين الأحباب والأعداء، بين المنصفين والجاحدين، بين المحبين والمشوهين، تاريخ رجال وذكرى لمؤسس أحبه الأتباع، وبذكره يذكر الإخوان، وبذكر الإخوان يذكر الشهيد الإمام، وخلفه المحتسب الصابر الذي لم تلن له قناة، وقاد السفينة في بجر لجى يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب قاتم، فقادها إلى بر الأمان وكان مرشدها الثابت الأمين، ويذكر الاسم حين يذكر الناس مرشدها الثالث صاحب الصورة المشرقة الصادقة، كما يذكرون مرشدها الرابع الشامخ كالطود، كما يذكرون المرشد الحالي أطال الله في عمره. إنه تاريخ رجال آمنوا بسمو فكرتهم ونافحوا عنها وارتبط جهادهم باسم الجماعة، فبها يذكرون وباسمها يخلدون.
إنه تاريخ أبطال فلسطين وشهداء القتال، وشهداء طرة، ورجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، كل هؤلاء يذكرون كلما ذكر الاسم الحبيب إلى قلوبهم (الإخوان المسلمون) فكيف نفرط في هذا الاسم الذي غُرس في القلوب بدماء الشهداء وثبات الرجال.